سورة سبأ - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (48)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} أي يبين الحجة ويظهرها. قال قتادة: بالحق بالوحي. وعنه: الحق القرآن.
وقال ابن عباس: أي يقذف الباطل بالحق علام الغيوب.
وقرا عيسى بن عمر {علام الغيوب} على أنه بدل، أي قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق. قال الزجاج. والرفع من وجهين على الموضع، لان الموضع موضع رفع، أو على البدل مما في يقذف. النحاس: وفي الرفع وجهان آخران: يكون خبرا بعد خبر، ويكون على إضمار مبتدأ. وزعم الفراء أن الرفع في مثل هذا أكثر في كلام العرب إذا أتى بعد خبر {إن} ومثله {إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} [ص: 64] وقرئ: {الْغُيُوبِ} بالحركات الثلاث، فالغيوب كالبيوت، والغيوب كالصبور، وهو الامر الذي غاب وخفي جدا.


{قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (49)}
قوله تعالى: {قُلْ جاءَ الْحَقُّ} قال سعيد عن قتادة: يريد القرآن. النحاس: والتقدير جاء صاحب الحق أي الكتاب الذي فيه البراهين والحجج. {وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ} قال قتادة: الشيطان، أي ما يخلق الشيطان أحدا {وَما يُعِيدُ} ف {ما} نفي. ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى أي شي، أي جاء الحق فأي شيء بقي للباطل حتى يعيده ويبديه أي فلم يبق منه شي، كقوله: {فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ} [الحاقة: 8] أي لا ترى.


{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي} وذلك أن الكفار قالوا تركت دين آبائك فضللت. فقال له: قل يا محمد إن ضللت كما تزعمون فإنما أضل على نفسي. وقراءة العامة {ضَلَلْتُ} بفتح اللام. وقرأ يحيى بن وثاب وغيره: {قل إن ضللت} بكسر اللام وفتح الضاد من {أضل}، والضلال والضلالة ضد الرشاد. وقد ضللت بفتح اللام أضل بكسر الضاد، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي} فهذه لغة نجد وهي الفصيحة. واهل العالية يقولون {ضللت} بالكسر {أَضِلُّ}، أي إثم ضلالتي على نفسي. {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} من الحكمة والبيان {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} أي سميع ممن دعاه قريب الإجابة. وقيل وجه النظم: قل إن ربي يقذف بالحق ويبين الحجة، وضلال من ضل لا يبطل الحجة، ولو ضللت لاضررت بنفسي، لا أنه يبطل حجة الله، وإذا اهتديت فذلك فضل الله إذ ثبتني على الحجة إنه سميع قريب.

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15